( ورق عتيق ) … اسم وجدته صدفة على واجهة مقهى ثقافي في حي الزراعة باللاذقية قرب باب جامعة تشرين .. شدني الاسم ، ودفعني للولوج بلا تباطؤ منظر المكتبة والكتب بأيدي رواد المقهى–على غير العادة– نزلت درجتين، فرحبت بيّ رائحة زكية ، وموسيقى ناعمة ..جلست لأقرب طاولة وسط الشباب والصبايا الغارقين بالقراءة والحاسوب والدردشات الهامسة .. وأنا أتفحص المكان بدهشة وفرح ، اقتربت مني النادلة باسمة وسألتني : أول مرة تزوري المقهى وهل أعجبك ؟ قلت نعم أول مرة وأعجبني جداً ، قالت أهلاً ومرحباً ، ماذا تشربين أو تأكلين ؟ ورحت تعدّ ما لديها .. قاطعتها قائلة : أودّ رؤية صاحب المقهى قبل أي شيء، إذا أمكن .. وطلبت فنجان قهوة ، وألحّيت عليها بالتعرف على مبدع الاسم وتصميم المكان .. فاتسعت ابتسامتها ، ولمعت عيناها الجميلتين ، وقالت تكرمي دقائق ويكون طلبك جاهزاً ، قلت لست مستعجلة على القهوة ، وإنما … قالت فهمت عليك ولن يتأخر صاحب المقهى بالوصول .. ذهبت النادلة الأنيقة الباسمة الهادئة ، وبعد دقائق عادت ومعها فنجاني قهوة .. نظرت اليها وقبل سؤالي ، عاجلتني وقالت أهلاً ومرحباً بك في مقهانا المتواضع ، عرفت أنها صاحبة المقهى ، فازداد سروري لكونها امرأة ، فقلت لها شدني فضولي الصحفي لسبر خلفيات التسمية ( ورق عتيق ) وهذه الأجواء المميزة ، التي قلما نراها هذه الأيام، من موسيقى وروائح عطرة ، ورواد نخبة بتصرفاتهم وأصواتهم الخافتة وممارسة القراءة التي صارت من المنسيات في هذا الزمن .. وبعد حديث طويل عرفت أنها المرأة السورية المكافحة الآنسة لينا ميشيل ضاهر الملقبة (فوضى الحواس)منحدرة من عائلة كريمة من جبال اللاذقية الخضراء ( صلنفة ) عاشت طفولة سعيدة في عائلتها وكانت من رواد الطلائع في التعبير وتعلمت الفنون التطبيقية منذ الصغر من والدتها ، واهتمت بالأدب والمطالعة فهي قارئه ومتابعة بامتياز للأدب والعلوم .
عملت في التجارة بالإضافة إلى استلامها المديرة التنفيذية سابقا لجمعية بشائر النور التي تعنى بأطفال التوحد والداون
تحقق الحلم بسعيها وجهودها بافتتاح مقهى ثقافي أدبي شامل بدعم من منظمة حيثU.NDB دخلت مسابقة تحدي لفكرة أفضل مشروع وفازت ضمن خمسين مشروعا مقدما في سورية .
وقد :انطلق كأول مقهى ثقافي يدمج ذوي الإحتياجات الخاصة بسوق العمل في آذار الماضي حيث تعرضت خلال مسيرتها لكثير من الصعوبات كسرت النمطية عن ذوي الاحتياجات الخاصة وعن مجتمع يعتبرونهم متخلفين ، وهم مختلفون حسب رأيها الشخصي اجتازت حواجز منيعة حول المرأة ضمن دائرة ضيقة مفادها البيت والعائلة أبدعت وازدهرت،قالت: ورق عتيق بالنسبة لي فكرة نقطة بيضاء أضاءت خلال هذه المرحلة في الحرب على سوريةوتبلورت بالعمل والعطاء … حيث أنه بعيد عن التلوث السمعي والبصري وعن الانحدار الاجتماعي في شتى أنواعه كما أنه بعيد عن النمطية ، خصصت كل يوم ثلاثاء يوم ترفيهي للسيدات وكل خميس سهرة موسيقية رائعة لإحياء التراث القديم بالعزف على آلة العود وماشابه بالإضافة إلى المعارض الفنية واللوحات الجميلة للفنانين ، مشغولات يدوية مطرزة ومؤن لذوي الإحتياجات الخاصة يعود ريعها كدخل لهم ومساحة كبيرة لسيدات يقمن بمشغولات يدوية لإعانة أزواجهن واطفالهن يَد خير وعطاء يدها المرأة السورية الشامخة بوركتن وبوركت سورية بكن أيتها الفاضلات وفي الختام أتمنى من الله التوفيق والسداد لهذه الآنسة المبدعة .
حوراء علي