كان محبا وطيبا، مضيافا وباسما، لطيفا و وسيما. عمل خيرا لدرجة أصبح كلما أراد أمرا أتاه، وكدنا نظنه من أولياء الله الصالحين، كان معجبا ينظر إلى آيات الله وتدمع عيناه، فيجلس قبالة القمر والبحر لساعات متواصلة ذاهلا. وفي يوم كان سعيدا في حضرة القمر، وقبل أن يغلق عينيه على نوره، تمنى لو يملك نصفه. وإذ به يرى القمر قد هبط على مقربة منه وضحك في وجهه، وكان الشهر في منتصفه فتقدم بين يديه فعلا نصف من القمر! وجده بين اللين والصلابة، هشا كالجبن، وضوءه بارد كالنعيم ، وعندما أصبح نصف القمر بين يديه أحس بخدر ولم يشعر بحدود جسده، أخذ يضمه برفق، وشعر أنه إنسان مختلف ، و ظن أن الله يحبه لذلك أعطاه نصف القمر، ثم قرر أن يأخذه إلى المنزل ويخفيه في الخزانة، وفي كل ليلة يعود إليه ويضمّه ويهنأ برفقته. ذاع الخبر بأن البدر لم يكتمل هذا الشهر، وبأن الناس اشتاقت لمرآه، لكن هو لم يشفق قلبه على من أحب مثله القمر، ولم يخرجه من الخزانة، أراد أن يحتفظ به لنفسه. اجتمعت جماهير من الناس عند منزله ، وقالوا هذا صاحب القمر، ورجوه وقدموا له الهدايا والوعود ليترك نصف القمر يكتمل مع الآخر ويعود له جماله وبهاءه ، بل وأخبروه بأن الأمراض بدأت تنتشر بسبب عدم اكتمال القمر وأن قانون الجاذبية الأرضية اختلّ فرفض. لم يعد طيبا ولا مضيافا ولا باسما ولا لطيفا، وكشًر فلم يعد وسيما، وإذا بالنصف الآخر ينزل ويقف على الباب فيأتي نصفه من الخزانة ويطبق على الرجل الواقف بالباب بينهما ويعود إلى السماء!
bekhala70@gmail.com حلا خيربك