من سويداء القلب عاطفتها ومن صلابة حجارة أرضها أتت إرادتها فكانت المرأة في محافظة السويداء مزيجاً من هذا وذاك ولأنها كذلك فهي تستحق أن يسمع صوتها وتتحدث عن نفسها..
حيث عقدت المؤسسة السورية الحضارية ورشة عمل تحت عنوان "تعزيز دور المرأة السورية"، يوم الجمعة في محافظة السويداء _فندق العامر_، ضمن جهودها في عقد هذه الورشات بغالبية المحافظات السورية، وذلك بالتعاون مع فريق ثريا للتنمية والعمل المدني، وسط حضور مجموعة من سيدات المجتمع المدني وحضور جيد للرجال منهم عضو مجلس الشعب الدكتور نشأت الأطرش،
حيث افتتح الورشة المهندس باسل كويفي رئيس مجلس أمناء المؤسسة السورية الحضارية بعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء والاستماع إلى النشيد العربي السوري واستهل كلامه بتوجيه الشكر للحاضرين ولأعضاء فريق ثريا، وتحدث عن نشاطات المؤسسة في الجانب التنموي الفكري وقيامها بعقد عدة اجتماعات حول التماسك الاجتماعي وتعزيز دور الشباب وتمكين المرأة والعديد من الأمور التي يجهلها المجتمع المدني في سورية، وورشة العمل هذه هي الورشة الخامسة في مسار ورشات المؤسسة حول المرأة والتي تعقد وستعقد في غالبية المحافظات، وأكد أن محافظة السويداء محافظة الجبل الأشم أهل الكرم تعتبر ذات درجة ثقافية عليا بين المحافظات السورية نسبياً في ثقافتها المجتمعية والعامة.
وعقب ذلك كلمة ألقاها نجيب رعد المنسق العام لفريق ثريا تحدث من خلالها أن فريقهم يسعى من خلال هذه الورشة لإيصال أصوات نساء محافظة السويداء حتى يكون لهن مشاركة في عدة مناحي في المستقبل، وأخبر موقع السفير سورية في لقاء معه أنهم يسعون أيضاً لتمكين المرأة من الناحية الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والتوعية من خلال تقديم ورشات توعوية بحقوق الإنسان ومفهوم المواطنة والجندرة (النوع الاجتماعي)، ويهدفون بهذه الورشة إلى الخروج بطروحات تكون مؤثرة في محافظة السويداء وأن تعدل القوانين لتستند على الدستور بشكل صحيح يحقق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وأن يكون لدينا مشروع إعادة تشكيل للمفاهيم بشكل جديد فيما يخص المواطنة والجندرة حتى ننشئ جيل واعٍ للمطالبة بحقوقه، وعبر عن أنهم كمظمات عمل مدني غير مرخصة يرجون أن يكون هناك تفهم في المستقبل لفكرة المجتمع والعمل المدني كرديف للعمل الحكومي وشركاء في هذا الوطن.
وقالت إخلاص الغصة مديرة مكتب المرأة والمنظمات في المؤسسة السورية الحضارية أن الهدف من هذه الورشة بالإضافة إلى معرفة ما هي التحديات التي تواجه المرأة السورية أيضاً التشبيك معاً لمعرفة من هي الجهات العاملة في الميدان حتى نتمكن من التواصل فيما بيننا ونتعاون في الأعمال التي نقوم بها في هذا الخصوص بغية النهوض بسورية خلال هذه المرحلة والمراحل القادمة في خطة إعادة الإعمار.
وبدأ الورشة علي شاهين الذي يعمل في مجال التيسير والتدريب بالتعارف بين الحاضرين حيث ذكر كل واحد منهم ما هي التحديات التي تواجه المرأة السورية الآن، ومن ضمن التحديات التي ذُكرت قيام المرأة بلعب دور الرجل، إعادة إعمار الإنسان، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي…
وتم الحديث عن أن الورشة لن تقترح حلول بل توصيات ومقترحات، وأهم ما يميز ورشة عمل السويداء هو التنوع في الاختصاصات ووجود سيدات وأطياف من المجتمع السوري بشكل عام، وذكر آليات تنفيذية لبعض التحديات وخاصة فيما يتعلق بالانتخابات القادمة لمجلس الشعب.
ومن ثم تم تقسيم الحاضرين لمجموعات على أن يتم وضع مجموعة من الأولويات من كل مشاركة ومشارك ويتم الاتقاق فيما بين أعضاء كل مجموعة على أربع أولويات ذات أهمية قصوى، ومن ثم كانت مرحلة تصنيف الأولويات لخمس مجموعات اجتماعية واقتصادية، حماية وأمان، قانونية وسياسية.
وتم طرح كل مجموعة للأولويات التي اتفقت عليها، وتبع ذلك التصويت بين جميع الحاضرين على أهم الأولويات وكان من الأولويات الأكثر تصويتاً فيما يتعلق بالحماية والأمان هي حماية المرأة ضد العنف الأسري والمجتمعي وإنشاء مراكز توعية للمرأة، واقتصادياً كانت إتاحة فرص عمل مناسبة ومنع أي نوع من الاستغلال، أما من الناحية الاجتماعية فكانت عدم تأطير المرأة كزوجة أو أم والتأكيد على كونها شريك فاعل، وبخصوص القانون فتم التأكيد على ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية والوصاية وسياسياً فكانت الأولوية لتعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات والتعيين.
وتحدثت وفاء ملحم متطوعة بفريق ثريا أن نشاطات الفريق هي نشر التوعية وخاصة في مجال المرأة ويعمل على محو الأمية القانونية ودعم السيدات اللواتي لم يتمكن من إكمال تعليمهن من خلال مجموعة من دورات التقوية، وقام الفريق بفعاليات لمناهضة العنف ضد المرأة وكانت نشاطات فاعلة ولقت تفاعلاً من قبل السيدات.
وأضافت: "تعرفنا على المؤسسة السورية الحضارية ضمن ورشة مناصرة المرأة ببيروت وانضممنا لها وعرضنا عليهم فكرة قيام الورشة في السويداء، التي نهدف منها إلى إيصال صوت المرأة في السويداء للجهات المجتمعية والحديث عن الظلم الذي تتعرض له منذ سنوات طويلة وليس كنتاج حرب وحالات اضطهاد المرأة بمختلف الجوانب."
وعن تواجد الجهات الرسمية في الورشة قال بشار نصار عضو مكتب تنفيذي في محافظة السويداء: "بعد أن تقدمت المؤسسة السورية الحضارية إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وإلى محافظة السويداء بكتاب للحصول على ترخيص لإقامة هذه الورشة كنا موافقين على أن تكون هذه أولويات في تعزيز دور المرأة السورية في هذه الأزمة، وانطلاقاً من حرصنا على إغناء هذه الورشات لتحقيق هدفها الرئيس كان لنا رؤية في المحافظة بتوجيه من السيد المحافظ بالإشراف والمتابعة وحضور هذه الورشة، وإذا قامت المؤسسة بتلخيص هذه الأفكار وتقديمها إلى الجهات الرسمية فنحن سننظر في هذه المواضيع ومدى إمكانية تحقيقها وكيف سنساهم في ذلك، وأكد انه سينقل من خلال عمله بعض مقترحات هذه الورشة لمناقشتها مع الجهات المختصة ولكن الهدف الأساسي يكمن في قيام المؤسسة بنفسها في ذلك كونها صاحبة المبادرة."
وأضافت في ذلك بشرى جربوع مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل في السويداء أن مشاركتهم كانت على شقين الأول كسيدات عاملات في الشأن العام وثانياً تمثيلها للجهة التي تعمل بها والتي من ضمن اهتماماتها المرأة و آلية التطوير فيما يتعلق بشؤونها وعملها وطرح الأفكار الجديدة تبعاً للوضع الراهن، الطروحات لها جانبين منها المتعلقة بالمسائل التشريعية والتي نعتبرها حق وواجب ومنها ما يتعلق بالمسؤولية المجتمعية والتي هي مدى تأثير الظروف الحالية على السيدات في مجتمعنا من معيلات وسيدات عاملات في الشأن العام اللواتي يتحملن مختلف الضغوط من نفسية واجتماعية واقتصادية، فدورهم هو دور مزدوج وواجبهم كبير جداً وخاصة في هذه المرحلة من التحضير لإعادة الإعمار، وترجو ألا تأخذ طروحات الورشة الجانب الشخصي وأن تستند إلى التجارب العملية للجميع.
وعبر رائد حميدان متطوع بفريق ثريا عن أن مهمتهم هي نشر الوعي وتحقيق التوازن والمساواة بين الرجل والمرأة وخطوتهم الثانية ستعنى بشأن الشباب، وسيعقب هذه الورشة القيام باختبار قبلي واختبار بعدي يتعرفون من خلاله على الأهداف التي تم تحقيقها منها، ويسعى ثريا لتغيير عدة قوانين تتعلق بشؤون المرأة، وبرأيه الشخصي أن المسؤولية الأهم هي توعية النساء وكسر الصورة النمطية لها ضمن المجتمع المحصورة بمسؤولياتها ضمن المنزل.
ولمعرفة آراء الحاضرين أجرى السفير سورية عدة لقاءات، حيث وضحت إقبال حامد رئيسة جمعية تنظيم الأسرة في محافظة السويداء أن هذه الورشة محطة هامة في مجال العمل النسوي فقضية المرأة هي قضية وطن ومجتمع، والتحديات التي تطرقت لها هي تحديات كبيرة جداً وأكبرها هو كسر حاجز الصمت فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة ومسألة التمييز القائم على النوع الاجتماعي بين الذكر والأنثى وأيضاً قضية الثقافة الذكورية وبعض العادات والتقاليد السلبية الموروثة التي تؤثر على واقع المرأة، بالإضافة لزواج القاصرات وغيرها من القضايا..، فجمعية تنظيم الأسرة ضمن هذه المحاور جميعها تعمل على التوعية لها وإلقاء الضوء عليها، وتطالب بتعديل التشريعات والقوانين التي تتعلق بالمرأة والأهم من ذلك هو التركيز على التنشئة الاجتماعية السليمة فالأزمة تركت تداعيات خطيرة على الواقع الاجتماعي وأثبتت المرأة السورية من خلالها أنها واجهت كل التحديات، جمعية تنظيم الأسرة تتفاءل جداً بأن يكون لهذه الورشات أثر في الواقع العملي.
أما الصحفي رياض نعيم مستشار في مجلس الشعب فتحدث في هذا السياق عن رسالة مي زيادة عام 1925 لسلطان باشا الأطرش التي قالت فيها :"منظمة الأمم المتحدة وضعت دستوراً لحماية المرأة واناشد تلك اللجنة أن تذهب لجبلكم وتعرف مكانة المرأة وحقوقها."
وأكد نعيم أن المرأة لها تقدير خاص وهذه الورشة تعتبر من الورشات المتخصصة التي استفدنا منها واستفادت منها المرأة لتعزيز التلاحم بين المرأة والرجل، المقترحات تحدثت عن شغل المرأة دوراً فاعلاً موازي للرجل ولكن النقمة الموجودة لدى المرأة على الرجل هي خاطئة فالمرأة في سورية أخذت دورها إدارياً وقانونياً وحتى عسكرياً وأثبتت خلال هذه الأزمة أنها حقاً تستحق أن تكون قائدة.
وقالت الإعلامية ليلى غبرا من وجهة نظرها أن الورشة بطروحاتها هي الأولى من نوعها بهذه القوة والكثافة وكانت المرأة حاضرة بكل المستويات والشرائح وبثقافتها ووعيها، وتحدثت في النقاش الدائر في الورشة عن أنه لم يعد هناك تحديات للمرأة لأنها تمكنت من التغلب على كل هذه التحديات وهي المنتجة والعاملة والتي تمكنت من شغل جميع المواقع، وعندما يتم حل مشكلة القوانين فستتمكن من أخذ جميع حقوقها، والمرأة في السويداء هي عنصر فعال ومشارك وترجو أن يتم تفعيل القانون المدني مستقبلاً.
متابعة: راما اللحام
إشراف: رائد فؤاد هركل